***أعمال يوم النحر، يوم الحج الأكبــــر :
ثم بعد ذلك تنحر هديك إن كان عليك هدي بأن كنت متمتعا أو قارنا ، أما المفرد فلا هدي عليه ، ووقت النحر يمتد إلى آخر أيام التشريق ، ويجب أن يكون في حدود الحرم ، فلا يجوز نحر الهدي في عرفة مثلا أو أي مكان من الحل ، ويجوز ليلا أو نهارا من أيام التشريق ، وليس له اثر في تحلل الحاج .
ومن لا يقدر على شراء الهدي ، يصوم ثلاثة أيام في الحج ، قبل يوم النحر أو في أيام التشريق ، ولا يجوز لاحد أن يصوم أيام التشريق إلا من لم يجد الهدي من الحجاج ، ويصوم سبعة إذا رجع إلى أهله .
ولايجزيء في الهدي إلا الجذع من الضأن وهو ماله ستة شهور فأكثر ، والثني من المعز والبقر والإبل ، وهو من المعز ماله سنة فأكثر ، ومن البقر وهو ماله سنتان فأكثر ، ومن الإبل وهو ماله خمس سنوات فأكثر ، وتجزيء البقرة والبدنة عن سبعة .
ثم تحلق أو تقصر من شعرك والحلق أفضل ، والمرأة تقص من طرف شعرها قدر أنملة ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين قائلا رحم الله المحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة متفق عليه .
والأفضل أن يبدأ المحلق من جانب الرأس الأيمن ثم الأيسر رواه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه .
ثم تنطلق إلى البيت لتطوف طواف الإفاضة ، وهو طواف الحج ، ويسمى أيضا طواف الزيارة ، وليس في هذا الطواف اضطباع ولا رمل .
وبعد الطواف تسعى بين الصفا والمروة إن كنت متمتعا ، أو كنت قارنا أو مفردا ولم تسع بعد طواف القدوم ، فيجب عليك أن تسعى هنا .
فالمتمتع يسعى سعين ، سعي لعمرته وسعي لحجه ، وأما القارن والمفرد فيسعيان سعيا واحدا ، لحديث عائشة رضي الله عنها ( وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فقد طافوا طوافا واحدا ) تعني الطواف بين الصفا والمروة وهو السعي ، متفق عليه .
ويجوز لاهل الأعذار أن يطوفوا بعدما يدفعوا من مزدلفة بعد منتصف الليل .
ويجوز لك أن تأخر طواف الإفاضة إلى آخر شهر ذي الحجة إن شئت ، ولكنك في هذه الحالة لاتكون قد تحللت الحل كله ، بل يجب عليك أن تعتزل النساء حتى تطوف طواف الإفاضة .
ويجوز لك أن تقدم أو تأخر بين هذه الانساك ، إذ لايجب فيه الترتيب كما ذكر آنفا ، بل الترتيب مستحب .
عن ابن عباس رضي الله عنها قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له في الذبح والحلق والرمي والتقديم والتأخير ، فقال لاحرج متفق عليه .
وأما النبي صلى الله عليه وسلم فرمى أولا جمرة العقبة بعد طلوع الشمس ضحى ، ثم نحر هديه ، ثم حلق رأسه ، ثم طاف بالبيت وصلى الظهر بمكة ، ثم رجع منى فصلى بها الظهر مرة أخرى أيضا نافلة .
عن ابن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى) متفق عليه ، وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر رواه مسلم ، وجمع بينهما الإمام النووي رحمه الله أنه صلى بمكة الظهر ، ثم رجع فصلى الظهر إماما لأصحابه في منى أيضا
***التحلل الأكبر والأصغـــــر :
وإذا فعلت اثنين من هذه الثلاثة وهي رمي جمرة العقبة ، والحلق أو التقصير ، وطواف الإفاضة ، فقد حل لك كل شيء إلا النساء ، ويسمــى التحلل الأصغر.
فإن فعلت ما بقي مع السعي إن لم تكن قد سعيت من قبل ، فقد حل لك كل شيء حتى النساء ، ويسمى التحلل الثاني أو الأكبر .
ويتوجه القول بأن الحاج إذا رمى جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء ، وهوأصح قولي الفقهاء ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي حين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت رواه أحمد وغيره ، وهو رواية في مذهب أحمد ، واختيار الإمام ابن قدامة رحمه الله ، وسمعت العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه يفتي بذلك .
***إذا جامع المحـــــرم :
ومن جامع قبل التحلل الأول فعليه أربعة أمور :
الأول : فساد النسك .
الثاني : المضي في فاسده ، فيكمل حجه كأنه غير فاسد .
الثالث : وجوب القضاء ثاني عام .
الرابع : عليه أن يذبح بدنه ويوزع لحمها على فقراء الحرم .
عن عمر وعلي وأبي هريرة أنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم الحج ، فقالوا ينفذان لوجههما حتى يقضيا حجهما ، ثم عليهما حج قابل والهدي ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنه ) رواهما مالك في الموطأ .
ومن جامع بعد التحلل الأول وقبل الثاني :
فهو مخير بين ذبح شاة أو صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مد من البر أو صاع مما سواه ، وعليه إن يخرج إلى أقرب الحل ، فيحرم منه لطواف الإفاضة ، إلا إن كان قد طاف طواف الإفاضة ورمى ولكنه جامع قبل الحلق أو التقصير فلا حاجة ليجدد إحرامه .
ومن جامع قبل تمام العمرة فعليه شاة .
***المبيت بمنى ليالي التشريــــق :
ثم تعود إلى منى لتبيت بها ثلاث ليالي ، أو ليلتين إن تعجلت ، والواجب أن تبيت معظم الليل ـ أكثر من نصفه ـ في منى ، ليلة الحادي عشر من ذي الحجة ، وليلة الثاني عشر من ذي الحجة ، ذلك إن تعجلت في يومين ، وليلة الثالث عشر من ذي الحجة إن تأخرت ، وهذه الأيام الثلاثة تسمى أيام التشريق ، وهي التي قال الله عنها ( واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى ) .
والدليل على وجوب المبيت بمنى حديث ابن عباس رضي الله عنهما ( استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له ) متفق عليه ويدل إذنه للعباس رضي الله عنه ، على أنه واجب على غير أهل الأعذار .
رمي الجمار أيام التشريـــــق :
ويجب عليك أن ترمى الجمار في أيام التشريق ، ووقت رميها في هذه الأيام ، من زوال الشمس إلى طلوع الفجر ، قال جابر رضي الله عنه ( ورمى بعد يوم النحر في سائر أيام التشريق إذا زالت الشمس ) رواه مسلم .
فتبدأ بالجمرة الصغرى فترميها بسبع حصيات ، تكبر مع كل حصاة ، حتى تقع الحصاة في الحوض ، وتحاول أن تستقبل القبلة مع استقبال الجمرة حال الرمي ، فإن لم تستطع فاستقبل الجمرة وهذا يكفي ، ثم اجعلها عن يسارك وتأخر للدعاء ، وأطل فيه ، لان النبي صلى الله عليه وسلم أطال الدعاء في هذا الموضع ، ثم انطلق إلى الجمرة الوسطى ، فافعل مثل ما فعلت عند الصغرى ، ولكن اجعلها عن يمينك وابتعد قليلا عن الزحام وأطل في الدعاء ، ثم انطلق إلى الجمرة الكبرى ، فارمها بسبع حصيات من جهة الحوض ليقع الحصى فيه ، ولاتقف عندها للدعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك .
ويجب أن يكون الرمي على هذا الترتيب ، الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى ، فإن أخللت بالترتيب ، أعــد الرمي .
فإن شق عليك أن ترمي كل يوم ، بسبب كبر السن أو المرض أو الإعياء أو شدة الزحام أو طبيعة عملك في الحج ونحو ذلك ، جاز لك أن تجمع رمي يومين في يوم ، فترمي في اليوم الثاني ، أولا رمي اليوم الأول ، حتى تنتهي من الصغرى فالوسطى فالكبرى ، ثم تعود فترمي رمي اليوم الثاني الصغرى فالوسطى فالكبرى ، أو تجمعها كلها في اليوم الثالث ، إن لم تتعجل في يومين ، فترمي في هذه الحالة بالترتيب وفق النية ، تبدأ برمي اليوم الأول حتى تنتهي منه ، ثم تعود إلى الصغرى فترمي بينة اليوم الثاني ، ثم الثالث هكذا .