حسن الظن بالله والأمن من مكر الله

بسم الله الرحمن الرحيم


هذا جزء من محاضرة للشيخ محمد حسان فى مادة التوحيد فى الأكاديمية الاسلامية :

كيف نجمع بين حسن الظن بالله ، والأمن من مكر الله –سبحانه وتعالى – ؟

كثيرا من الناس لا يتقن أن يفرق بين حسن الظن بالله وبين عدم الأمن من مكر الله تبارك وتعالى.
إحسان الظن أن تعمل وأنت لا ترى عملك ، وفي ذات الوقت أنت تخشى من مكر الله تبارك وتعالى ولا تدري بأي حال سيختم لك ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : ( إنما الأعمال بالخواتيم ) .

1.يقول الحسن البصري : وإن قوما ألهتهم أماني المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ولا حسنة لهم ، وقالوا : نحن نحسن الظن بالله ، وكذبوا ؛ لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل .

النبي - صلى الله عليه وسلم – يقول : عن ربه – جل وعلا – في الحديث القدسي في الصحيحين ، قال الله تعالى : (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً).

فلابد من العمل ولابد أن تتقرب ، لازم تعبد الله ، لازم تقبل على الله .

2.رؤية العمل هى مصيبة وكارثة ،فقد ترى الأخ مثلا إذا صلى أو إذا قام ليلة من الليالي ، أو إذا من الله عليه بكتابين ، قد يتصور أنه صار عالما وأنه صار مفتيا وينتفخ على الناس ويستعلي على الناس ويتكلم على الناس بعجب وكبر وخيلاء لكن إحسان الظن بالله يكون مع إحسان العمل ، وفي نفس الوقت لا أرى عملي ن وأنسى عيوبي .

لذلك ابن القيم – رحمه الله – يقول : والعبد الصادق السائر إلى الله مطالع لمنتيه : منة عيب النفس ثم مطالعة نعم الله تعالى عليك ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا﴾[إبراهيم: من الآية34] ،

فعندما أنظر إلى عيوب النفس وأرى نعم الله تتوالى علي أزداد ذلة وانكسارا لله تبارك وتعالى ، وأظل سائرا على هذا الدرب حتى ألقى الله بإحسان الظن ، هذا هو المؤمن الذي لا يأمن مكر الله تبارك وتعالى لأنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون وإلا القوم الكافرون.

3.العمل مع الخوف قال الله عز وجل : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون:60] قالت عائشة : يا رسول الله أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر . قال : لا يا بنت الصديق . ولكنه رجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخشى ألا يتقبل الله منه ، هؤلاء هم الذين أحسنوا الظن بالله ولم يأمنوا في الوقت ذاته مكر الله تبارك وتعالى

يدخل حماد بن سلمة على سفيان الثوري وهو على فراش الموت ، فيرى حماد سفيان يبكي بكاء شديدا فقال :يا أبا عبد الله ، أبشر فإنك مقبل على ما كنت تخافه ، وأنت اليوم ترجوه . فيبكي سفيان الثوري ، ويقول : أسألك بالله يا حماد ، أتظن أن مثلي ينجو من النار ؟
هؤلاء هم العباد الذين أحسنوا الظن بالله مع صدق العمل ومع عدم الأمن من مكر الله تبارك وتعالى .

أحبكم فى الله

أختى الطيبة الكريمة

أمـــة الله